الخميس، 22 يوليو 2010

6 - الفارغ ُمن كل شيء (.)

ألقينا السلام و العزاء على أهلها، و جلسنا في صفٍ مستقيم ينتهي بآخر عباءة تطلُ على باب الشارع ..
وجوه النساء تنقبضُ بحزنٍ أسود، وأعينٌ مسبلةٌ إلى الأرض، و ذكراها الطيبة تترددُ في المكان كـ صدى لا يجبُ أن ينطفئ،
كلما خبى صوت، جاء من يشعلهُ سريعًا حتى إذا ما ضاع في الهواء صاحت التي في الجانب الآخر" والله ما شفنا منها إلا كل خير، والله ونعم الخلق و الدين" ..

هاجسي أولائك الأطفال، اخذوا يذرعون المكان لعبًا و ضحكًا، ينادون بالآخرين ليشاركوهم الغناء و الركض،
يلقون بنكاتهم عرض الطريق و يشعلون جوًا من اللامبالاة وسط حزنٍ يعمكُ العيون ..
أعلمُ تماماً أنهم وإن تناسوا هذا العزاء، - بعد مسافة من الزمان - سيبحثون عن قطعة من الذاكرة علقت بين زحام النساء تحت السجاجيد الممتدة، عند دعوة المغفرة، حين الأعين ترمي بنظرها على الجدران و الوجوه المقبلة بلا هدى، في طعم الماء المعلّب، ولسعةُ البرد المُهملة، تلك القطعة التي تنبضُ كـ الجمر، ترسمُ لهم الصورة كاملة برمادها المبثوث، حينها يستدركون كل شيء حتى إهمالهم الذي عقد مع الحزن صفقة مؤجلة ...
إلاّ أنّ هذا العزاء كان لمن!

خرجنا نرفعُ ملابسنا عن سيل صغير أخذ مجراه بين شقوق الشارع، و أمي تدعو:
"جعله بشرى الأرض بها
جعل ان المطر يزرع بذرتها المغروسة بالأمس
جعل ربي يغسل بالمطر روحها الصاعدة إليه
جعل انها زرعةٍ تبارك الأرض فيها" ..

آمين يارب العالمين


كانت في شتاء هذا العام 1431 هـ

هناك 4 تعليقات:

  1. رغم ان الكلمات عميقة في الحزن
    وشعرت وكأنني احدى الباكيات عليها رحمة الله عليها
    الا انني استبشرت كثيراً بالمطر
    ،
    اللهم ابرد عليها في قبرها
    اللهم ءامين
    اللهم ءامين
    اللهم ءامين

    ردحذف
  2. وألقيتُ العبورَ واجمًا ، هالني ما هال الحاضر وإن كنت الغائب ، ولم أجد إلا السكوت وإن كان كلامًا ،
    بورك القلم "الحي" وحامله

    تحية

    ردحذف
  3. آمين يا تسنيم
    شكرا لحضورك, وللدعاء

    ردحذف
  4. سكوتك وكلامك نجوم تضيء المكان
    فلا تبخل علينا بالنور أبدًا

    قتيل الحرف
    شكرًا وأهلًا بك

    ردحذف