الثلاثاء، 8 يونيو 2010

3



الحياة في الخارج, ليست أسوأ بكثير من حياته داخل منزله.
منزله يشبه الفوضى داخله, يشبه الصور المعلقة في الذاكرة,
شبابيكه لا تسفر عن الصبح, لذا يخرج ليمسك الشمس في عينيه, يحفظ النور في محجره ثم يعود سريعا يبثّها في منزله, يغلق الأبواب جيدا قبل أن يخرج ليحفظ نورا آخر من مكان آخر ويعيد الكرّة.
يحدث أن يناجي الطيور التي لا تحب شباكه أبدا, أو يتخيلها .. يطيرُ معها مثل جناحيها, يتلاشى ثقله مثل ريشة تسافر في الهواء, يصنع ريحا واهية بنفخها من صدره حتى يبدد ركام السحاب, ثم يهوي على الجافّة حينما يغالي بالإرتفاع وتنقص محصلة الأوكسجين في صدره.
هو ليس لوحده أبدًا, دائما هناك من يحضر في ذهنه يخدش إحساسه و يثيرهُ, يغليه و يُعليه, يأخذون أماكن أوسع في حضورهم الهلامي من الأحياء .. هوَ يراهم من حيث لا يراهم أحد.

-

كنتُ أداريه أراقبه .. من يخرج ومن يدخل مع بابه, أحرصُ على قوّته وقُوتِه, أحلّفه بالله هل أنتَ بخير .. ثم يقول كلمته المعتادة كلنا بخير وإن كذبنا, كلنا بخير ما دمنا أحياء ننعمُ بالروح والحركة, بل لا نملكُ سوى هذه الإجابة وإن خالفتنا فنحنُ في غاية الإجحاف مع أنفسنا ومع هذا الخير, كلنا بخير وكل حال يأتي من الله خير.
تريحني إجابته ليوم كامل, حتى ينتهي مفعولها في الصباح وقبل أن يخرج ليسرق النور كان ينتظرني على العتبة لأعيد السؤال, وليعيد حقني بجملة تصيب رعشة الشك بالخدر, يجيب وتسري الإجابة مسرى الدم, توسّع أوردتي وحاجتي إلى الأمان في الدنيا, تركز عمود قناعتي وتبل الطين المتصلب من تحتها وتعجنهُ ثم بأصابعي أعدّل من استقامتها المائلة.

نسيتهُ ....
ليوم فقط, يوم واحد مرّني بمخالب معقوفة .. تشبّث بحافة الشمس الحمراء وقت الغروب, وجرّ خلفه سنتين.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق